هل يأثم إن رأى منكراً ولم ينكره
صفحة 1 من اصل 1
هل يأثم إن رأى منكراً ولم ينكره
هل يأثم إن رأى منكراً ولم ينكره ؟
سؤال:
هل أنا محاسَب على كل منكر أراه ؟ رأيت مثلا ناساً لا أعرفهم يسبون ، أو يتشاجرون ، أو رأيت أحداً يسمع الموسيقى ، أو سمعت شيئاً خطأ عن السنَّة كحديث ضعيف أو ما شابه ذلك ، هل أنا مسئول عنه / عنهم / يوم القيامة إذا لم أنصحهم ؟!
الجواب:
الحمد لله
أولاً :
الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من شعائر الإسلام العظيمة ، وقد عدَّها بعض العلماء من أركان الدين ، والواجب على كل مسلم أن يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر ، وليس هذا لطائفة من المسلمين دون آخرين ، بل هو واجب على كل من يعلم شيئاً من دين الله تعالى أن يبلِّغه أمراً أو نهياً .
قال تعالى : ( كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ ) آل عمران/110 .
وقال تعالى : ( وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ) آل عمران/104 .
وقال سبحانه وتعالى : ( لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى لِسَانِ دَاوُدَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ سورة المائدة الآية . كَانُوا لَا يَتَنَاهَوْنَ عَنْ مُنْكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ ) المائدة/78 ، 79 .
قال ابن عطية – رحمه الله - :
والإجماع منعقد على أن النهي عن المنكر فرض لمن أطاقه وأمن الضرر على نفسه وعلى المسلمين ، فإن خاف فينكر بقلبه ويهجر ذا المنكر ولا يخالطه .
انظر " تفسير القرطبي " ( 6 / 253 ) .
ثانياً :
ويُشترط لإقامة هذه الشعيرة شروط لا بدَّ من وجودها ، وأكثرها يتعلق بالآمر الناهي ، وبعضها يتعلق بذات الشعيرة .
قال الشيخ محمد بن صالح العثيمين – رحمه الله - :
الشرط الأول : أن يكون عالماً بحكم الشرع فيما يأمر به أو ينهي عنه ، فلا يأمر إلا بما علم أن الشرع أمر به ، ولا ينهي إلا عما علم أن الشرع نهي عنه ، ولا يعتمد في ذلك على ذوق ، ولا عادة .
الشرط الثاني : أن يعلم بحال المأمور : هل هو ممن يوجَه إليه الأمر أو النهي أم لا ؟ فلو رأى شخصاً يشك هل هو مكلف أم لا : لم يأمره بما لا يؤمر به مثله حتى يستفصل .
الشرط الثالث : أن يكون عالماً بحال المأمور حال تكليفه ، هل قام بالفعل أم لا ؟
فلو رأى شخصاً دخل المسجد ثم جلس ، وشك هل صلي ركعتين : فلا يُنكر عليه ، ولا يأمره بهما ، حتي يستفصل .
الشرط الرابع : أن يكون قادراً على القيام بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بلا ضرر يلحقه ، فإن لحقه ضرر : لم يجب عليه ، لكن إن صبر وقام به : فهو أفضل ؛ لأن جميع الواجبات مشروطة بالقدرة والاستطاعة ؛ لقوله تعالى : ( فاتقوا الله ما استطعتم ) التغابن/16 ، وقوله : ( لا يكلف الله نفساً إلا وسعها ) البقرة/286 .
الشرط الخامس : أن لا يترتب على الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر مفسدة أعظم من السكوت ، فإن ترتب عليها ذلك : فإنه لا يلزمه ، بل لا يجوز له أن يأمر بالمعروف أو ينهي عن المنكر .
" مجموع فتاوى الشيخ العثيمين " ( 8 / 652 – 654 ) مختصراً .
ثالثاً :
وإذا علمتَ أخي السائل أن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر واجبان من واجبات الشريعة ، وتحققت الشروط الشرعية اللازمة لإقامتهما : فاعلم أن رؤيتك للمنكر وعدم نصحك لصاحبه سبب في ترتب الإثم عليك ، إلا أن يقوم غيرك بالإنكار عليه ؛ لأنه يكون فرض عينٍ عليك في حال أن تكون رأيت المنكر وليس ثمة من ينصحه غيرك ، فإن وُجد غيرك وقام عنك بهذا الشعيرة : فإنه يصير فرض كفاية ، يسقط عنك الإثم إذا قام بالواجب غيرك .
قال ابن قدامة – رحمه الله - :
واشترط قومٌ كون المنكِر مأذوناً فيه من جهة الإمام أو الوالي ، ولم يجيزوا لآحاد الرعية الحسبة ، وهذا فاسد ؛ لأن الآيات والأخبار تدل على أن كل مَن رأى منكراً فسكت عنه : عصى ، فالتخصيص بإذن الإمام تحكم .
" مختصر منهاج القاصدين " ( ص 124 ) .
وقال الشيخ عبد العزيز بن باز – رحمه الله - :
وقد يكون الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فرضَ عينٍ ، وذلك في حق من يرى المنكر وليس هناك من ينكره وهو قادر على إنكاره ، فإنه يتعين عليه إنكاره لقيام الأدلة الكثيرة على ذلك ، ومن أصرحها قول النبي صلى الله عليه وسلم : ( مَن رأى منكم منكراً فليغيره بيده ، فإن لم يستطع فبلسانه فإن لم يستطع فبقلبه وذلك أضعف الإيمان ) أخرجه مسلم في صحيحه .
سؤال:
هل أنا محاسَب على كل منكر أراه ؟ رأيت مثلا ناساً لا أعرفهم يسبون ، أو يتشاجرون ، أو رأيت أحداً يسمع الموسيقى ، أو سمعت شيئاً خطأ عن السنَّة كحديث ضعيف أو ما شابه ذلك ، هل أنا مسئول عنه / عنهم / يوم القيامة إذا لم أنصحهم ؟!
الجواب:
الحمد لله
أولاً :
الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من شعائر الإسلام العظيمة ، وقد عدَّها بعض العلماء من أركان الدين ، والواجب على كل مسلم أن يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر ، وليس هذا لطائفة من المسلمين دون آخرين ، بل هو واجب على كل من يعلم شيئاً من دين الله تعالى أن يبلِّغه أمراً أو نهياً .
قال تعالى : ( كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ ) آل عمران/110 .
وقال تعالى : ( وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ) آل عمران/104 .
وقال سبحانه وتعالى : ( لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى لِسَانِ دَاوُدَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ سورة المائدة الآية . كَانُوا لَا يَتَنَاهَوْنَ عَنْ مُنْكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ ) المائدة/78 ، 79 .
قال ابن عطية – رحمه الله - :
والإجماع منعقد على أن النهي عن المنكر فرض لمن أطاقه وأمن الضرر على نفسه وعلى المسلمين ، فإن خاف فينكر بقلبه ويهجر ذا المنكر ولا يخالطه .
انظر " تفسير القرطبي " ( 6 / 253 ) .
ثانياً :
ويُشترط لإقامة هذه الشعيرة شروط لا بدَّ من وجودها ، وأكثرها يتعلق بالآمر الناهي ، وبعضها يتعلق بذات الشعيرة .
قال الشيخ محمد بن صالح العثيمين – رحمه الله - :
الشرط الأول : أن يكون عالماً بحكم الشرع فيما يأمر به أو ينهي عنه ، فلا يأمر إلا بما علم أن الشرع أمر به ، ولا ينهي إلا عما علم أن الشرع نهي عنه ، ولا يعتمد في ذلك على ذوق ، ولا عادة .
الشرط الثاني : أن يعلم بحال المأمور : هل هو ممن يوجَه إليه الأمر أو النهي أم لا ؟ فلو رأى شخصاً يشك هل هو مكلف أم لا : لم يأمره بما لا يؤمر به مثله حتى يستفصل .
الشرط الثالث : أن يكون عالماً بحال المأمور حال تكليفه ، هل قام بالفعل أم لا ؟
فلو رأى شخصاً دخل المسجد ثم جلس ، وشك هل صلي ركعتين : فلا يُنكر عليه ، ولا يأمره بهما ، حتي يستفصل .
الشرط الرابع : أن يكون قادراً على القيام بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بلا ضرر يلحقه ، فإن لحقه ضرر : لم يجب عليه ، لكن إن صبر وقام به : فهو أفضل ؛ لأن جميع الواجبات مشروطة بالقدرة والاستطاعة ؛ لقوله تعالى : ( فاتقوا الله ما استطعتم ) التغابن/16 ، وقوله : ( لا يكلف الله نفساً إلا وسعها ) البقرة/286 .
الشرط الخامس : أن لا يترتب على الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر مفسدة أعظم من السكوت ، فإن ترتب عليها ذلك : فإنه لا يلزمه ، بل لا يجوز له أن يأمر بالمعروف أو ينهي عن المنكر .
" مجموع فتاوى الشيخ العثيمين " ( 8 / 652 – 654 ) مختصراً .
ثالثاً :
وإذا علمتَ أخي السائل أن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر واجبان من واجبات الشريعة ، وتحققت الشروط الشرعية اللازمة لإقامتهما : فاعلم أن رؤيتك للمنكر وعدم نصحك لصاحبه سبب في ترتب الإثم عليك ، إلا أن يقوم غيرك بالإنكار عليه ؛ لأنه يكون فرض عينٍ عليك في حال أن تكون رأيت المنكر وليس ثمة من ينصحه غيرك ، فإن وُجد غيرك وقام عنك بهذا الشعيرة : فإنه يصير فرض كفاية ، يسقط عنك الإثم إذا قام بالواجب غيرك .
قال ابن قدامة – رحمه الله - :
واشترط قومٌ كون المنكِر مأذوناً فيه من جهة الإمام أو الوالي ، ولم يجيزوا لآحاد الرعية الحسبة ، وهذا فاسد ؛ لأن الآيات والأخبار تدل على أن كل مَن رأى منكراً فسكت عنه : عصى ، فالتخصيص بإذن الإمام تحكم .
" مختصر منهاج القاصدين " ( ص 124 ) .
وقال الشيخ عبد العزيز بن باز – رحمه الله - :
وقد يكون الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فرضَ عينٍ ، وذلك في حق من يرى المنكر وليس هناك من ينكره وهو قادر على إنكاره ، فإنه يتعين عليه إنكاره لقيام الأدلة الكثيرة على ذلك ، ومن أصرحها قول النبي صلى الله عليه وسلم : ( مَن رأى منكم منكراً فليغيره بيده ، فإن لم يستطع فبلسانه فإن لم يستطع فبقلبه وذلك أضعف الإيمان ) أخرجه مسلم في صحيحه .
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى